Tuesday, September 23, 2014

الثقافة ليست هبة



الثقافة ليست هبة، وليست شيئا قدريا، وليست منحة تمنحها السماء. الثقافة لا تأتي بقراءة الجرائد، أو إدامة النظر في الفيس بوك وتويتر أو مشاهدة التلفاز
ليس المثقف من وضع حرف الدال قبل اسمه ولا من خرج يتحدث في الإعلام عن كل فن وكل حادثة بلا 
علم ولا روية ولا من يُلمُّ بفرع واحد من فروع المعرفة

المثقف أيها السادة من يُلمُّ بعديدٍ من ألوان المعرفة... المثقف هو من يُلمُّ بالتاريخ والجغرافيا... والشعر والأدب... والموسيقى والسينما... والعلوم السياسية والفلسفة... والفقه والحديث
الثقافة ليلٌ طويلٌ من القراءة والمطالعة، سَفرٌ مستمر فوق أرض الله، مخالطة ثقافات وحضارات والصبر على مرارة التغيُّر وفراق الأهل ومشقة السفر

المثقف هو من يعرف كيف وصل كولومبس إلى العالم الجديد، وكيف اكتشف أرخميدس قانون الطفو، ولماذا ندم ألفريد نوبل على اختراعه الديناميت، وكيف صاغ بيتهوفن سيمفونياته، ولماذا اعتُبر ابن خلدون من مؤسسي علم الاجتماع بلا منازع

ثم أنت أيها المثقف أراك تُحجِم عن نشر ما تكتبه... لأنك تتحرج من نشر اسمك فأنت تكره الأضواء والشهرة... وتحبها في نفس الوقت

فتحجم خوفًا من العين، أو خوفًا من الفشل، وكلاهما خوف. خوف من أن تُفجع في نفسك وفي 
كتاباتك... ولست وحيدًا في هذا، فكلنا ذلك الرجل الذي يقشعر جسمه عند نشر أول عملٍ له، لكن لا بد للخوف من نهاية... فأقدم على النشر مستعينًا بأسلوبك الساحر الأخاذ المؤثر. فالأشياء حينما تمكث في الظلام طويلًا... يأتي عليها وقت لا تستطيع فيه أن تتعرض لضوء عود الثقاب... لا ضوء 
الصحافة الباهر

مقالة من كتاب: الدرس الأخير

No comments:

Post a Comment